الجبهة الثانية| كيان الاحتلال يستشعر الأخطار: حرب الشمال وكابوس الزوال
في الآونة الأخيرة يبدو واضحا من خلال ما نتابعه على الإعلام الإسرائيلي أن كيان الاحتلال يستشعر الأخطار التي تحدق به على كافة المستويات العسكرية والسياسية وحتى المجتمعية. سنستعرض اليوم بعضا مما يقوله هذا الإعلام عن السيناريوهات المتوقعة في حال اندلاع حرب شاملة على جبهته الشمالية مع حزب الله، وعن الكابوس الذي يؤرق المحتل الصهيوني وهو زوال كيانه.
المحررة في موقع المنار الانكليزي مروة حيدر:
البداية مع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، الذي توقع أنه في حالة اندلاع حرب واسعة النطاق مع حزب الله سيكون هناك أضرار جسيمة على الجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية واستمرارها الوظيفي، وبالتالي على صمود المجتمع الإسرائيلي وقدرته على التعافي من الحرب.
التقرير نشره المعهد هذا الأسبوع، وكان بعنوان: “كيف ستؤثر حرب واسعة النطاق مع حزب الله على صمود الجبهة المدنية في إسرائيل؟” كتب التقريرأربعة باحثون إسرائيليون، وهم خبراء وعسكريون متفاعدون، اعتبروا فيه أن هناك “حاجة للنظر بعناية في المخاطر التي تشكلها هذه الحرب على المجال المدني، خاصة مع استمرار الحرب في قطاع غزة.”
يرسم المعهد الإسرائيلي السيناريوهات المحتملة للحرب الشاملة، ويصف حزب اللهة بأنه “التهديد العسكري الرئيسي لإسرائيل منذ حرب لبنان الثانية (2006)”.
“حتى الآن، أطلق حزب الله أكثر من 5000 قذيفة صاروخيّة عالية المسار ومباشرة باتجاه أهداف مدنية وعسكرية في إسرائيل، مما تسبب في مقتل 29 مدنياً وعسكرياً وإلحاق أضرار جسيمة. قبل كل شيء، هناك شعور متزايد بالعبث فيما يتصل بمستقبل الحدود الشمالية، والبلدات الثماني والعشرين التي تم إخلاؤها ومدينة كريات شمونة، يتساءل سكانها عن موعد وظروف عودتهم إلى ديارهم.”
“في حرب واسعة النطاق مع حزب الله، سيتعين على أنظمة الدفاع الجوي للجيش الإسرائيلي التعامل بمرور الوقت – لا سيما خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحرب – مع وابل هائل يصل إلى آلاف المقذوفات يومياً، والتي لا يمكن اعتراضها كلها. هذه القنابل، بما في ذلك تلك القادمة من جبهات أخرى مثل إيران والعراق وسوريا واليمن، يمكن أن تطغى على طبقات الدفاعات الجوية الإسرائيلية وربما تؤدي إلى نقص في ذخيرة الاعتراض. كل هذا يمثّل تهديداً عسكرياً ومدنياً لم تتعرض له إسرائيل قط.”
بالحديث عن الأولويات الدفاعية خلال أي حرب قادمة رجح المعهد أن تعطي القوات الإسرائيلية الجوية “أولوية قصوى للدفاع عن الأصول العسكرية الحيوية مثل قواعد القوات الجوية، والأولوية الثانية للبنية التحتية الوطنية الأساسية، والأولوية الثالثة فقط للسكان المدنيين.”
وحذر المعهد من “اضطرابات في إمدادات الطاقة بسبب الضربات المباشرة لمرافق الإنتاج والنقل، فضلاً عن التهديدات لمنصات إنتاج الغاز الطبيعي”، معتبرا أنه “سيكون لهذا عواقب وخيمة على الاستمرارية الوظيفية والاقتصاد الوطني والحياة اليومية لمواطني إسرائيل.”
“المخاطر التي تشكلها الحرب متعددة الجبهات، لا سيما إذا حدثت في وقت واحد مع الحرب الدائرة في غزة، تشكل تحديات خطيرة للنظام الإيكولوجي أو البيئي المدني في إسرائيل وعقبات كبيرة أمام التعافي من الحرب، جسدياً وعقلياً.”
“لا تزال إسرائيل تعاني من صدمة جماعية مستمرة ناجمة عن الأحداث المروعة التي وقعت في 7 أكتوبر الماضي والأشهر التسعة من الحرب، مما أثّر بشدة على مرونتها. ينعكس هذا في البيانات التي تُظهر انخفاض المرونة، كما يتضح من استطلاعات الرأي العام التي أجراها INSS وآخرون، حيث تشير استطلاعات INSS الأخيرة إلى تراجع كبير في القدرة على الصمود الوطني للمجتمع الإسرائيلي مقارنة بالأشهر الأولى من الحرب.”
التوصيات:
1- في أي قرار يتخذ بشأن توسيع نطاق الحرب في الشمال، ينبغي إيلاء اعتبار جدي للمناخ العام الحالي السام في إسرائيل، والتراجع الواضح في القدرة على الصمود
2- ما دامت الحرب في غزة مستمرة، يجب على إسرائيل تجنب الانجرار إلى حرب متعددة الجبهات وشديدة
3- سيناريو بديل: يمكن أن يسمح وقف إطلاق النار المطول في قطاع غزة بوقف إطلاق النار في الشمال
4- إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله، فيجب على إسرائيل أن تسعى جاهدة لتشكيل هذه الحرب لتكون قصيرة المدّة ومحصورة إقليمياً قدر الإمكان
5- طلب لمختلف النظم الحكومية والأمنية المسؤولة عن عمل الجبهة الداخلية أن تزيد من تأهبها وسد الثغرات القائمة في أقرب وقت ممكن
6- تشديد على أن أن يكون هناك تنسيق كبير للتوقعات مع الجمهور فيما يتعلق بأهداف الحرب: حتى الآن، لم يتم اتخاذ أي خطوات لإعداد الجمهور لهذا السيناريو الخطير
مقالة أخرى أعادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية نشرها هذا الأسبوع. المقالة التي وصفتها هآرتس بأنها “تتضمن توقعات مرعبة” فيما يخص مستقبل إسرائيل، كتبها المؤرخ الإسرائيلي رون بونداك عام 1999.
هذا المؤرخ توفي عام 2014، وكان يعد أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو. تخيل المؤرخ الإسرائيلي في مقاله أنه يستيقظ ذات صباح في عام 2025 على وقع سؤال ظل يراوده مفاده: ألم يحن الوقت لأجمع ما تبقى لي من متاع قبل الفرار؟ وتخيل أيضا أن الأوضاع في إسرائيل تدهورت بشدة حتى إن “معظم أصدقائه غادروا البلاد،” حسب تعبيره.
وجه بونداك انتقادات حادة في مقاله لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك آنذاك، وقال: “كان كل شيء جاهزا للتوقيع وتنفيذ الصفقة التاريخية الكبرى مع الفلسطينيين، والتي كان من الممكن أن تغير مجرى التاريخ، لكن الحكومة قررت التمسك بالخطة التي تفتقر إلى الرؤية، والتي فُرضت على الفلسطينيين وألقت الشرق الأوسط في أتون اضطرابات ندفع ثمنها حتى يومنا هذا”.
المقال المطول والذي أذكّر أنه كتب عام 1999، أسهب فيه الكاتب في رصد المحطات الرئيسة التي مرت على اتفاقيات أوسلو ومواقف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منها وكذلك الفصائل الفلسطينية.
وبين السرد والخيال، تحدث الكاتب في مقالته عن مواجهة حادة بين الأحزاب العلمانية الليبرالية والأحزاب اليمينية الدينية وتطرق إلى تفاقم التدهور الاقتصادي. كما وتوقع بونداك أن تبدأ إسرائيل بالانحدار، من عام 2017، إلى أتون الفوضى، على الصعيدين المحلي والدولي.
المؤرخ الإسرائيلي عزا تراجع إسرائيل إلى جملة أسباب؛ من بينها إنفاقها مبالغ طائلة للتصدي للتوتر المستمر على حدودها. ومن ناحية أخرى، اضطر الجيش إلى التعامل مع آلاف الأشخاص الذين رفضوا التجنيد، وتلاشى التماسك الوطني الإسرائيلي اليهودي تدريجيا.
اللافت في هذا المقال أن هآرتس لم تكتف بإعادة نشره، لكنها وضعت عنوانا ومقدمة تلخيصية تعبر عن الخطر الكبير الذي يستشعره الصهاينة فيما يخص مستقبل كيان الاحتلال.
العنوان الذي وضعته الصحيفة كان: ” في عام 1999، كتب أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو رؤية قاتمة لمستقبل إسرائيل. وتبين أنها دقيقة بشكل مؤلم”
أما المقدمة التلخيصية التي كتبتها هآرتس فكانت: ” لقد كتب رون بونداك، أحد مهندسي اتفاقيات أوسلو، في عام 1999 تنبؤاً مرعباً لما ستكون عليه إسرائيل في عام 2025. واليوم، بعد مرور عقد من الزمن على وفاته، أصبح الأمر قريباً من الواقع بشكل مروع”.